العلم بالشيئ و لا الجهل به، مقولة مأثورة نتوارثها منذ قديم العصور و نتبادلها كثيراً أيضاً، و تلك المقولة ليس بها أي علاقة بما يسمى بالعصر الجاهلي و الذي أطلق عليه جاهلي لأنه قبل الإسلام و الإسلام بدل كثيراً من أفكارهم ومعتقداتهم و شعائرهم و أشعارهم أيضاً، و العرب قديماً متابعي موقعنا الأكارم عرف عنهم البلاغة الحسنة و حسن إختيار و آداب الكلمات و أحياناً كانوا يستخدمون كلمات في أشعارهم تخدش الحياء و في وقتها كانت بالنسبة لهم عادية جداً و هذا ما حرمه الإسلام، كان شعراء الجاهلية جهابذة في كلماتهم و ثاقبة معانيها و بكل أهدافهم وسماتهم يسعون لها بكامل الكلمات التي يطلقونها كأنها سهام تصيب القلب العاشق الولهان، الغزل في الشعر الجاهلي، مع الغزل الذي كان شتهربه شعراء الجاهلية نلتقي من جديد متابعينا الأفاضل لنتعلم كيفية هواهم الذي وصل حتى وقتنا هذا رغم موت أجسادهم لنعلم أيضاً أن الحب يولد و لا يموت أبداً طالما صدق النبض فيه.
إقتباسات قصيرة من الغزل في الشعر الجاهلي
- إقتباسات من أشعار النابغة الذبياني:
- إقتباسات من ديوان طرفة بن العبد:
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ … كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ
بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي… منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى، … و إذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
و إذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها … لـها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ، تُوَاغِلُهْ
غَنِينا، و ما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً … كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه.
و شاهد أيضاً الشعر الجاهلي في الحب والشوق والغياب بالفصحي.
شعر غزل جاهلي
شعر عنترة بن شداد:
إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي * طفا بردها حرَّ الصبابة ِ و الوجدِ
و لولاَ فتاة في الخيامِ مُقيمَة * لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوما على البعدِ
مُهفْهَفة ٌ و السِّحرُ من لَحظاتها * إذا كلمتْ ميتا يقوم منْ اللحد
أشارتْ إليها الشمسُ عند غروبها * تقُول : إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي
و قال لها البدرُ المنيرُ ألا اسفري * فإنَّك مثْلي في الكَمال و في السَّعْدِ
فولتْ حياء ثم أرختْ لثامها * و قد نثرتْ من خدِّها رطبَ الورد
و سلتْ حساما من سواجي جفونها * كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ
تُقاتلُ عيناها به وَ هْوَ مُغمدٌ * و منْ عجبٍ أن يقطع السيفُ في الغمدِ
مُرنِّحة ُ الأَعطاف مَهْضومة ُ الحَشا * منعمة الأطرافِ مائسة القدِّ
يبيتُ فتاتُ المسكِ تحتَ لثامها * فيزدادُ منْ أنفاسها أرج الندّ
و يطلعُ ضوء الصبح تحتَ جبينها * فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعد
و بين ثناياها إذا ما تبسَّمتْ * مديرُ مدامٍ يمزجُ الراحَ بالشَّهد.
و شاهد أيضاً الشعر الجاهلي في الحب و الغزل و أروع قصائد مكتوبة.
الغزل مع الشعر الجاهلي
شعر زهير بن أبي سلمى:
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَ أَقصَرَ باطِلُه وَ عُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَ رَواحِلُه
وَأَقصَرتُ عَمّا تَعلَمينَ وَ سُدِّدَت عَلَيَّ سِوى قَصدِ السَبيلِ مَعادِلُه
وَ قالَ العَذارى إِنَّما أَنتَ عَمُّنا وَ كانَ الشَبابُ كَالخَليطِ نُزايِلُه
فَأَصبَحتُ ما يَعرِفنَ إِلّا خَليقَتي وَ إِلّا سَوادَ الرَأسِ وَ الشَيبُ شامِلُه
لِمَن طَلَلٌ كَالوَحيِ عافٍ مَنازِلُه عَفا الرَسُّ مِنهُ فَالرُسَيسُ فَعاقِلُه
فَرَقدٌ فَصاراتٌ فَأَكنافُ مَنعِجٍ فَشَرقِيُّ سَلمى حَوضُهُ فَأَجاوِلُه
فَوادي البَدِيِّ فَالطَوِيُّ فَثادِقٌ فَوادي القَنانِ جِزعُهُ فَأَفاكِلُه
وَ غَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ أَجابَت رَوابيهِ النِجا وَ هَواطِلُه
هَبَطتُ بِمَمسودِ النَواشِرِ سابِحٍ مُمَرٍّ أَسيلِ الخَدِّ نَهدٍ مَراكِلُه
تَميمٍ فَلَوناهُ فَأُكمِلَ صُنعُهُ فَتَمَّ وَ عَزَّتهُ يَداهُ وَ كاهِلُه
أَمينٍ شَظاهُ لَم يُخَرَّق صِفاقُهُ بِمِنقَبَةٍ وَ لَم تُقَطَّع أَباجِلُه.
و شاهد أيضاً شعر غزل جاهلي وروائع الشعر العربي الأصيل.
زهير بن أبي سلمى، غنترة بن شداد، قيس بن الملوح، و طرفة بن العبد و غيرهم كثير ممن قتل الحب هواهم و بات الغزل و الشعر مبتغاهم حتى توصل آهاتهم لمن يحبونهم و يعشقونهم بجنون الهوى و هذا يبرهن لنا متابعينا الكرام أنه مهما كانت مكانتك بين البشر فإن الحب يغلب كل قوي و ضعيف لأن الحب هو الرقي العفيف النظيف في مشاعره و مشاعرنا تشتاق كل ريح خفيف بالقلب و الروح، الحب و الغزل لا يفترقان أبداً متابعينا الكرام كما قرأنا في أشعار العصر الجاهلي من غزل و حب و غرام أيضاً لا يخلو منهم القلب العاشق الزلهان لأن الشاعر بلغ قسوة الحب و الهيام و باتت الكلمات هي من تهون عليه المسافات بين قلوبهم جميعاً، السادة الكرام شعراء كبار من العصر الجاهلي نزلوا تحت التراب و لكن كلمات عشقهم و جنونهم ما زالت بين أيدينا نتوارث تراثها و عبق العشق و الغزل بها ينثر حروفه علينا بكل أوان نحيا به و ما نتمنى سوى الحياة بكل الحب و الإحترام للجميع إن شاء الله تعالى.