تعالوا نتعرف أولا على القانون قبل أن نتحدث عن تطبيقه ، فالقانون بالاتينية تعني : العصا المستقيمة ، أو المسطرة ، حيث استعملت مجازاً بمعنى : المبدأ ، أو المقدرة ، أو القاعدة ، وباللغة العربية فالقانون معناه : قياس كل أمر والخط الذي يميز الانحراف عن الاستقامة ، وهذا بهذا دليل على الاستقرار ، بالإضافة لوجود علاقات ثابتة بين الظواهر ، وبإمكاننا أن نعرف القانون اصطلاحاً على أنه كم من القواعد القانونية العامة المجردة والملزمة ، والتي تهدف بشكل أساسي لتنظيم سلوك الناس في المجتمع ، باعتباره وسيلة من أهم وسائل الضبط الاجتماعي التي يتم الاعتماد عليها من قبل المجتمع المنظم لسلوك شعبه ، والقانون أيضاً يعبر عن مجموعة من القواعد المنظمة نوعاً معيناً من العلاقات القانونية بين الأفراد في المجتمع ، وقد تقترن تلك القواعد بجزاء مادي تقره الجهة أو السلطة المختصة ، لمن يخالف أحكام تلك القوانين ، وفي هذا اليوم سوف نتعرف أكثر حول تطبيق القانون فتابعوا معنا.
تطبيق القانون من حيث الأشخاص:
- إن القانون لمجموعة من القواعد المنظمة لسلوك الناس في المجتمع ، بمعنى أنها قواعد قانونية سارية التطبيق على الأشخاص في أماكن تواجدهم ، ويشترط بقانون الأشخاص أن يكون الفعل معلوماً للشخص المخاطب بالقاعدة القانونية (بمعنى الإنسان المكلف) علماً تاماً ، حتى يتمكن من أن يقوم به كما طلب منه ، وبناءً على ما ذكر فلا يصح تطبيق حكم القاعدة القانونية.
- على الأفراد المخاطبين بها ، لو لم يكن الحكم هذا مجمل لم يلحقه بيان يحدد ما هو المطلوب فعله على وجه على وجه الخصوص ، وعلى أساسه تصدر القاعدة القانونية ، فلو كان حكمها جلياً أمكن تطبيقه على الأناس المخاطبين بها ، أما لو كان الحكم غير ظاهر المعالم وبحاجة لتوضيح وبيان وتفصيل ، فاللوائح هي من تتولى مهمة التوضيح والتفصيل بشكل قرارات ومراسيم ، وقبل أن تصدر تلك اللوائح المفصلة والمنفذة للنص القانوني الذي يجعله صالح للتطبيق على الأفراد المكلفين ، فإنه لا يمكن تطبيق النص القانوني بحالته الغير واضحة ، وفي الغالب ما يحتوي النص القانوني توجيهات محددة لجهة ما يخول لها صلاحية تحديد النص القانون وتوضيح كيفية تطبيقه.
للمزيد يمكنك قراءة : حضانة الطفل بعد الطلاق
بعض الأمثلة:
- لو نصت مادة ما من مواد قانون العمل على أن : (للعامل المريض بإحدى الأمراض المزمنة إجازة عرضية بأجر كامل حتى يشفى أو حتى تستقر حالته).
- نلحظ هنا أن المادة لم توضح ما هي الأمراض المزمنة بالتحديد ، فبالتالي غير صالح للتطبيق على الفور ، بل يجب تحديد وتفصيل تلك العبارة : (الأمراض المزمنة) لهذا تقضي الفقرة الثانية من نفس المادة بأن : (يصدر لتحديد الأمراض المزمنة المشار إليها أعلاه قرار من وزير العمل والشؤون الاجتماعية بالاتفاق مع وزير الصحة والسكان) ، وقبل أن يصدر ذلك القرار لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق حكم القاعدة القانونية ، بل تكون صالحة للتطبيق عند صدور القرار المشترك (بصفة فعلية) وذلك بين الوزارتين التي أشرنا إليهما في الأعلى ، مبدأ امتناع عن الاعتذار بجهل القانون.
للمزيد يمكنك قراءة : تنظيم الاسرة وتاثيراته الايجابية
مبدأ امتناع الأعذار بجهل القانون:
- وملخص هذا المبدأ أنه لا يقبل من أي فرد كان هو أن يحتج لجهله بحكم القاعدة القانونية ، وهذا ليفلت ويتهرب من سريانها بحقه ، فحكم القاعدة القانونية يسري بحق الأفراد المخاطبين بأحكامها وهذا لمن علم بها ، وأيضاً لمن جهلها ، ويذهب البعض من فقهاء القانون لتأسيس ذلك المبدأ على وجود قرينة على علم الأفراد بأحكام القانون.
- إلا أن البعض يشكك في وجود صحة تلك القرينة لأنها قائمة على حمل الأمر المشكوك فيه محمل المألوف والغالب بالعمل بشأنه ، وليس الغالب بالمألوف ولا العمل فيه هو : علم الأفراد بالقواعد القانونية بل يغلب هو جهلهم بها.
- ولهذا لا يمكننا أن نعتبر مبدأ امتناع الاعتذار بجهل القانون قرينة على العلم بها ، إلا أن الأغلبية تذهب لتأسيس ذلك المبدأ على قواعد العدل وفكرة المساواة ، لأن العدل الخاص بحاجة للمساواة التامة بمعاملة الأفراد المخاطبين بأحكام القاعدة القانونية ، فلا يتم التفريق بينهم بوجوب الخضوع لها.
للمزيد يمكنك قراءة : العنف اسبابه واضراره