محتوي الموضوع
قيام الليل من أحب الأعمال إلى الله تعالى، فلا يدع العبد هذا القيام لأن فيه عظيم الفوائد التي تعود بها على العبد، ونحن الآن نُقبل على رمضان وصلاة التراويح والقنوت في الوتر، والوتر يكون ركعة واحدة، وفي الوتر يقنت الناس لربهم ويدعونه خوفًا ورغبًا، وفي النوازل يقنت الناس ويدعون ربهم سبحانه وتعالى أن يكشف ما هم في من نوازل، وكثير من الأوبئة التي تحصل والمصائب التي تأتي إلى ديار المسلمين يهرع الناس فيها إلى الصلاة لله تعالى، وإلى القنوت له سبحانه وتعالى بأن يكشف عنهم هذه المصائب.
ونحن في هذا الموضوع دعاء الوتر والقنوت في صلاة الوتر، نتعرض إلى بعض الأدعية حول الوتر، وما جاء في صلاة الوتر والقنوت في الوتر إن شاء الله تعالى.
دعاء الوتر:
عن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ : ( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ، ولا منجا منك إلا إليك ) . والجملة الأخيرة “لا منجا منك إلا إليك” رواها ابن منده في “التوحيد” وحسنها الألباني .
ثم يصلي العبد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ما هو القنوت وحكمه:
القنوت شرعًا هو الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام.
ويُشرع أن يقنت العباد في الوتر، وهذا هو مذهب الجمهور، وأدلتهم من السنة:
عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت)).
وأدلتهم من آثار السلف:
عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ، قال: (إنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ).
عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسودِ، عن أبيه، قال: (كان ابنُ مسعودٍ لا يَقنُتُ في شيءٍ من الصَّلواتِ إلَّا في الوتر قبلَ الركوعِ).
ووقت القنوت يُشرع في جميع السنة، ففي دعاء القنوت المتقدم لم يخص القنوت بأي وقت دون الوقت الآخر.
انظر أيضًا: دعاء قيام الليل
التأمين خلف الإمام في القنوت في الوتر:
مشروع، والدليل على مشروعيته من السنة:
- عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قنَتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شهرًا متتابعًا في الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعِشاءِ وصلاةِ الصُّبحِ، في دُبرِ كلِّ صلاةٍ، إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه من الركعةِ الآخِرة، يدعو على أحياءٍ مِن بني سُليمٍ؛ على رِعْلٍ وذَكوانَ وعُصيَّةَ، ويُؤمِّنُ مَن خَلْفَه).
- ومحل القنوت في الوتر: يكون القنوت في الركعة الأخيرة من الوتر، بعد الكوع، ومن الجائز قبله، ومن أدلة أفضليَّة القُنوتِ بعدَ الرُّكوعِ من آثار السلف:
- عن عبدِ الرحمنِ بن عبدٍ القاريِّ؛ أنَّه قال: (خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون؛ يُصلِّي الرجل لنَفْسِه، ويُصلِّي الرجُلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عمر: إنِّي أرى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحد، لكان أمثلَ، ثم عزَمَ، فجمَعَهم على أُبيِّ بن كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم، قال عُمرُ: نِعمَ البدعةُ هذه، والتي يَنامون عنها أفضلُ مِن التي يقومون- يريد: آخِرَ الليل- وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا).
- وفي قوله: ثم يكبِّر ويهوي ساجدًا؛ أن دعاء القنوت كان بعد الركوع.
- وعن أبي رافعٍ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقَنَتَ بعدَ الرُّكوعِ، ورفعَ يديهِ وجَهَرَ بالدُّعاءِ).
- وعن أبي عُثمانَ النَّهديِّ عن عُمرَ: (أنَّهُ كانَ يَقنتُ بعدَ الرُّكوعِ).
- وعن العَوَّامِ بنِ حمزةَ، قال: سألتُ أبا عثمانَ عن القُنوتِ، فقال: بعدَ الركوعِ، فقلتُ: عمَّن؟ فقال: عن أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ.
- وكذلك يُقاس على الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من القنوت بعد أن يرفع من الركوع في صلاة الفجر في قنوت النوازل.
انظر أيضًا: صلاة الشفع والوتر
الأدعية التي وردت في دعاء القنوت:
عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت)).
وعن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يقولُ في آخِر وترِه: (اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك)).
وعن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: (…وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا).
وعن عطاءٍ: (أنَّه سمِعَ عُبيدَ بنَ عُمَيرٍ يأثُرُ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ في القنوتِ (في الوتر) أنَّه كان يقولُ: اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق).
الصلاة على رسول الله بعد الانتهاء من القنوت:
من السنة أن يصلي العبد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن يفرغ من دعاء القنوت. وأدلة ذلك:
أثَرُ أُبيِّ بن كَعبٍ كما في حديثِ عبد الرحمنِ بن عَبدٍ القاريِّ، قال: (…وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ….) (87) .
أَثَرُ مُعاذٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه (88) : ((أنَّه كان يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في القُنوتِ)).
انظر أيضًا: أدعية القنوت في صلاة الوتر
كان هذا ختام موضوعنا حول دعاء الوتر والقنوت في صلاة الوتر، قدمنا خلال هذه المقالة بعض الأدعية المهمة الواردة في السنة ومن آثار السلف في القنوت في صلاة الوتر، وقدمنا مشروعية الوتر والقنوت في الوتر، وأنه مشروع، وكذلك نقلنا مسائل حول التأمين على دعاء الإمام في القنوت، وكذلك محل القنوت ووقته، فلا بد للعبد من أن يتعلم هذا الأمر وأن يعرف هذه السنة العظيمة التي ربما غفل عنها كثير من المسلمين الآن لشواغل هنا وهناك، فقد كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القنوت في الوتر.