كل الناس تهرب من الفقر، لا أحد يفكر فيه لا أحد يحبه لا أحد يريده، كل الناس تريد الغنى وتريد الكفاية، وتنفر من الفقر أشد النفور، ولكن الفقر لا بد له من صبر لا بد من الصبر في هذا الأمر إن كان الإنسان فقيرًا، فلا يجزع ولا يخاف، ونحن في هذه الأبيات نقلنا أروع ما تحدث به فطاحل الشعراء عن الفقر، ننقل أقوال أحمد شوقي والبارودي وابن أذينة وامرؤ القيس وأبو بكر الأشبيلي وغيرهم من الشعراء المبرزين الكبار الذين تأثروا بالفقر والفقراء تأثرًا كبيرًا وجاشت خواطرهم وتنقحت فطرهم لكي تخرج مثل هذه الدرر التي ننقلها للقارئ الكريم؛ ليعرف ما في الفقر من أمور وأوصاف ذكرها الشعراء وتحدث عنها هؤلاء الأدباء الكبار.
أسباب الفقر والغني أسباب لا نعرفها، فهي بيد الله سبحانه وتعالى، ونحن هنا في هذه المقالة لا نتحدث عن أسباب هذا الأمر، فالله تعالى بيده الرزق يُعطي من يشاء ويمنع من يشاء سبحانه وتعالى لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
والشاعر أحمد شوقي رحمه الله له رأي في الفقر، فهو يعده إحدى نوازل الدهر ونكباته على الإنسان، وهو كما يقول أمر خارج عن إرادة الإنسان وهو مثل سائر المصائب التي قد يتعرض لها الإنسان في حياته، وعلى الإنسان الذي يتعرض لمثل هذه المصائب أن يصبر ولا يجزع وأن يتوكل على الله فهو حسبه ونعم الوكيل، فالفقر مثل سائر ما يحدث للإنسان من أمور في حياته عليه أن يواجهها بكل صبر وقوة وجلد وتحمل ويقين من أن الله لن يتركه يجابه الصعاب وحيدًا، ونحن الآن ننتقل ونتحول إلى بعض الأبيات التي قيلت في الفقر وعن الفقراء.
أروع الأبيات عن الفقر:
يقول أحمد شوقي عن الفقر:
لا الفقرُ بالعبراتِ خُصَّ ولا الغنى … غير الحياة لهن حكم مشاعِ
ما زال في الكوخ الوضيع بواعثٌ منها … وفي القصر الرفيع دواعي
إذا لم يكن للمرء عن عيشةٍ غنًى … فلا بدَّ من يسر ولا بد من عسرِ
ومن يخبر الدنيا ويشرب بكأسها … يجد مرّها في الحلو والحلو في المرِّ
ومن كان يعزو بالتعلّات فقره … فإني وجدت الكدَّ أقتَلَ للفقر
ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الفقر:
دليلك أن الفقر خيرٌ من الغنى … وأن قليل المال خيرٌ من المُثري
لقاؤك مخلوقًا عصى الله للغنى … ولم ترَ مخلوقًا عصى الله للفقرِ
ألم ترَ أنَّ الفقر يرجى له الغنى … وأنَّ الغنيَّ يُخشى عليه من الفقرِ
ويقول امرؤ القيس:
وما يدري الفقير متى غناه … وما يدري الغنيّ متى يموتُ
وما تدري إذا يممت أرضًا … بأيّ أرضٍ يدركك المبيتُ
ويقول محمود سامي البارودي عن الفقر:
ولا تحتقر ذا فاقة فلربمــــــــا … لقيت به شهمًا يُبِرُّ على المُثــــــــري
فرب فقير يملأ القلب حكمــــــة … ورب غنيٍّ لا يريش ولا يَبـــــــــري
ولا تعترف بالذل في طلب الغنـــى … فإن الغنى في الذل شر من الفقـــــر
وكن وسطًا لا مُشرَئِبًا إلى السُها … ولا قانِعًا يبغي التزلُّف بالصُّغرِ
فأحمَدُ أخلاقِ الفتى ما تكافأت … بمنزلةٍ بين التواضُع والكِبرِ
ويقول المتلمس الضبعي عن الفقر:
يا عائب الفقير ألا تزدجرْ … عيب الغنى أكبر لو تعتبرْ
من شرف الفقر ومن فضله … على الغنى إن صحَّ منك النظرْ
ويقول عروة بن أذينة عن الفقر:
فما امرىء لم يضع دينًا ولا حسبًا … بفضل مالٍ وقى عِرضًا بمغبونِ
كم من فقيرٍ غنيَّ النفس تعرفه … ومن غنيٍّ فقير النفس مسكينِ
ويقول ابن نباتة السعدي عن الفقر:
وما الفقرُ للمذلة صاحبٌ … وما الناس للغنيِّ صديقُ
ويقول أبو بكر الإشبيلي عن الفقر:
الفقر في أوطاننا غربةٌ … والمال في الغُربة أوطانُ
والأرضُ شيءٌ كلها واحدٌ … والناسُ إخوانٌ وجيرانُ
كان هذا ختام موضوعنا حول شعر حزين عن الفقراء أروع الأبيات عن الفقر، نقلنا فيها أروع الكلمات والأبيات التي قيلت من كبار الشعراء والأدباء في عصرهم، والفقر ليس كله سيئ بل الفقير الذي نفسه عفيفة هذا من أفضل الناس على الإطلاق؛ لأنه أحوج الناس إلى المال، ومع ذلك تعف نفسه ولا يطلب المال بطرق مبتذلة ولا يطلب ما لا يستحق، بل يطالب بحقه فقط، فلا ينتظر حسنة من الناس ولا شفقة منهم ولا رأفة بحاله.