قصص جميلة ومعبرة قصة فتح بيت المقدس كاملة
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس فاتحاً سنة 15 للهجرة وبذلك دخلت المدينة وما حولها في رعاية الدولة الاسلامية بعد أن ربطها سبحانه وتعالي باالسلام والمسلمين وبارك حول مسجدها الأقصي، أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. فقد شاء الله تعالى أن تكون بيت المقدس في حماية الإسلام والمسلمين، فالمسلمون وحدهم يحافظون عليها، مثلما يحافظون على العهود والمواثيق ويؤدون الأمانات.
ولم يترك الخليفة عمر رضي الله عنه وهو الراعي أمور بيت المقدس دون أحكام تدبر شؤونها وشؤون من يسكنها من أهل الذمة من النصاری. فقد صالح النصارى وأعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم، وأمر ألا يكرهوا على دينهم ولا يسكن معهم أحد من اليهود ، وأن يدفعوا الجزية.
شروط المسلمين عيل أهل الذمة
فرض الفاروق عمر رضي الله عنه الجزية على النصارى في بيت المقدس يدفعونها للمسلمين، ويلتزم المسلمون بالحفاظ على حقوقهم غير منقوصة ويخضع النصارى لأحكام الإسلام على اعتبار أنهم أهل ذمة في ديار الإسلام.
ومن تلك الأحكام ألا يضربوا نواقيسهم في كنائسهم إلا ضربة خفيفة، ولا يظهروا صليبا على كنائسهم وفي طريق المسلمين، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة والصلاة حتى لا يسمعهم المسلمون.
واشترط عليهم الخليفة رضي الله عنه ألا يبنوا في ديار الاسلام ديراً ولا كنيسة ولا يعينوا جاسوساً عدواً للمسلمين ولا يمنعوا احداً منهم او من غيرهم من الدخول في الاسلام اذا اراد .
وأمرهم الفاروق ألا يتشبهوا بالمسلمين في هيئتهم وملابسهم ولا يركبوا الخيل بالسلاح، ولا يحملوا السلاح ولا يبيعوا الخمور فإن غيروا في ذلك او خالفوه فلا ذمة لهم ولا أمان .. وعاش النصاري في رعاية المسلمين في بيت المقدس وغيرها من ديار الاسلام في امان طوال قرون ما حلم أمثالهم بمثله .
فتح مبين
احتل الفرنج بيت المقدس سنة 492 هجرية ظلماً وعدواناً وعندما اجتاحوها ارتكبوا مذبحة رهيبة قتلوا فيها مئات من المسلمين، كما نهبوا وسلبوا ما في المدينة، ثم شاء الله تعالى أن يهيء لهذه الأمة جندا بقيادة السلطان المجاهد صلاح الدين الأيوبي، فنصرهم الله تعالى وأيدهم بفتح مبين سنة 583 هجرية، فعادت بيت المقدس إسلامية تتردد فيها دعوات التوحيد، لقد نصرالله تعالى جنده لأنهم نصروه .
( يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) محمد: 7 ولم يكن النصر سهل المنال، فكان لابد من اتحاد كلمة المسلمين بعد فرقة وتنازع، ولابد من عزم ونية وجهاد في سبيل الله. وغير المسلمون ما بأنفسهم، فغير الله تعالى حالهم، وهيأ لهم من يأخذ بأيديهم، فبقيت عساكر المسلمين تجاهد الكفار سنوات طويلة، وتم النصر بعون الله وفضله، وخرج الفرنج الكفرة خائبين.
جهاد المماليك
لم يكن المماليك عربا، ولكنهم كانوا مسلمين تمسكوا بدين الله، وواصلوا جهاد من كان قبلهم، فراحوا يطهرون ديار الإسلام من بقايا الفرنج، بعد أن تطهرت بيت المقدس من رجسهم، وشهدت سنة 690 هجرية تطهير سواحل بلاد الشام من كل رجس فرنجي.
وقد اهتم المماليك ببيت المقدس اهتماما كبيرا، فقد أسسوا فيها نحو سبع وأربعين مدرسة لتدريس علوم الدين والدنيا وأنشأوا دورالكتب وخزائنها، وأوقفوا على المدارس ودور الكتب أوقافا كثيرة كي تستمر في أداء رسالتها العلمية النافعة.
واهتم المماليك بعمارة القنوات والبرك لنقل الماء إلى بيت المقدس، ومن ذلك تعمير قناة السبيل لتأمين وصول الماء إلى المسجد الأقصى، وبنوا الأسبلة والخانات لتأمين راحة المسافرين۔ وبقيت بيت المقدس في رعاية دولة المماليك الاسلامية الي حين .
في رعاية الدولة العثمانية
حافظت الدولة العثمانية على ديارالاسلام عزيزة مرهوبة الجانب لا يجرؤ أعداء الأمة على النيل منها، وكان البيت المقدس مكانتها عند الأتراك العثمانيين، فهي مدينة التوحيد جعلها الله تعالى قبلة المسلمين الأولى ومسرى ومعراج خاتم الأنبياء والرسل محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد أسهم الأتراك في عمارتها، فأقاموا منشآت عدة مثل المدارس والأسبلة والبرك والحمامات.
ولم تفتر همة أعداء الله، فبعد خذلانهم في بلاد الشام قبل نحوسبعة قرون، وبعد هزائمهم المتكررة عادوا الكرة، ولكن هذه المرة بأساليب أكثر خبثا ومگرا – ودهاء، لقد عرضوا على السلطان عبدالحميد الاموال الكثيرة في سبيل أن يسمح لليهود بالهجرة الي فلسطين، وكتب ذلك في مذكراته ” وانتظم يهود العالم وسعوا عن طريق المحافل الماسونية في سبيل العودة الي الارض الموعودة»، وجاءوا السلطان عبدالحميد بعد فترة وطلبوا منه أرضا لتوطين اليهود في فلسطين مقابل أموال طائلة، وبالطبع رفضته واستغل اليهود ضعف الدولة العثمانية، ووقف الفرنج في أوروبا إلى جانبهم، فتزايدت الحملات الخبيثة على فلسطين، حتى تمكن اليهود من اغتصابها، وقد قتلوا وشردوا من المسلمين أعداد لا تحصى.
وتبقى بيت المقدس إسلامية يورثها الله لعباده الصالحين الذين يؤمنون به وحده دون شريك، ولا يغيرون شريعته، ولا يدينون إلا بالإسلام: (إن الدين عند الله الإسلام) آل عمران:۱۹، ويقيمون حكمه. (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهن عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن اهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون ) آل عمران 11 .