قصص شعبيه قصة السلحفاة والبطتين من حكايات كليلة ودمنة
قصة السلحفاة والبطتين
أوهن البيوت
وقف العنکبوت عنكب على غصن شجرة في يوم ربيعي جميل فشاهد أعشاش الطيور تنبض بالحياة.. فهذا طير يحضر الطعام، وتلك طيرة تجلس على بيوضها، وهذا فرخ قد خرج من بيضته.، ثم نظر باتجاه الأرض فوجد جحر أرانب تعيش فيه عائلة أرنوب، فقال في نفسه لم لا تكون لي عائلة؟ سأبني عشاء انزل عن الشجرة مسرعا وبدأ يبحث عن قشة صغيرة.. وعندما وجدها حاول بارجله الثمانية أن يحركها فلم يستطع فحاول بملاقطه.. ثم بفمه ولكن دون فائدة.. فقال: إذن أحفر جحرا.. ولكن لا مخالب عنده ولا أسنان حادة أو رأسا قويا، فكيف لعنكبوت ضعيف مثله أن يبني بيتا يجتمع به مع زوجة وأولاد.
جلس حزينا يفكر ماذا سيفعل، قال بحزن شديد؛ با رب اهديني للحل، بعد قليل مر به عنکبوت حكيم وقال له: مرحبا یا عنکب، رد عنكب في كآبة: أهلا .. فقال له الحكيم: مالي أراك تجلس حزينا هكذا؟ فأجاب عنكب والحزن يعصر قلبه: أردت أن أبني عشا أو أصنع جحرا فلم أتمكن من ذلك.. إنتي ضعيف وعاجز ضحك الحكيم وقال: ومنذ متى كان للعناكب أعشاش؟! قال : و أين سأسكن أنا وزوجتي؟ ضحك العنكبوت الحکیم حتى كاد يقع على ظهره، فاغتاظ عنکب وقال بانفعال: ما الذي قلته لتضحك هكذا أيها العنكبوت الحكيم؟!
رد الحكيم وهو يخفي ضحكه.. لا شيء..لا شيء.. ولكن . ولكن نحن العناكب لا يمكن أن نشكل أسرا كبقية الحيوانات.. ذهل عنکب وقال: كيف؟! فشرح له الحكيم الأمر ببساطة ووضوح قائلا: نحن ذكور العناكب لا نبني بيوتا لأن إناث العناكب هي التي تبنيها، فهي تملك خمس غدد حريرية في بطنها تغزل بها شبكة تقف عليها، أما الذكور فلا يملكون.
عنکب: تعني أننا نحن الذكور لا نستطيع فعل ذلك؟ الحكيم: بالضبط.. لم يهبنا الله تعالى هذه القدرة وإما جعلها عند أنثى العنكبوت. عنکب: إذن يجب أن أبحث عن زوجة أسكن معها . . الحكيم: تمهل.. عندما تقترب من شبكة الأنثى لا تلبث أن تقتلك عنکب : تقتلني؟ لماذا وماذا فعلت لها؟ رد الحكيم متنهدا: العنكبوتة تقتل زوجها لأنه يلتصق بخيوط شبكتها لما تضع صغارا يكبرون فيقتل بعضهم بعضاء تعجب عنكب وقال: لو كان كلامك صحيحا لانقرضت العناكب من زمن ابتسم الحكيم وأجاب: لا هذا لا يحصل. لأن الأنثى تضع أكثر من مئة وخمسين بيضة يموت الضعيف منها ويبقى القوى هز عنکب رأسه وقال: فهمت الآن معنى قوله تعالى: ” إن في أوهن البيوت لبيت العنكبوت ” .
ودع عنكب صديقه وبدأ يفكر.. هل الخير له أن يعيش وحيدا أم يموت ملتصقا على شبكة العنكبوت ماذا يفعل؟.. نظر حوله باحثا عن أنثى عنکبوت فهو يحلم بأولاده المئة والخمسين الذين لن يراهم يوما ولكنه يحبهم.. وهم سيعلمون بتضحيته ويسيرون على دربه .