قصيدة أحمد شوقي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان ريم على القاع
قصيدة أحمد شوقي في مدح الرسول
كما نعرف أن المدح الذي استخدمه الشاعر أحمد شوقي في هذه القصيدة هو عباره عن غرض شعري يهدف إلى ذكر الصفات الجيدة التي يتمتع بها الشخص الذي تم مدحه لشكره على أفعاله، وفي هذه القصيدة مدح الشاعر أحمد شوقي الملقب ب”أمير الشعراء” رسولنا الكريم صاحب الأخلاق السامية “محمد صلى الله عليه وسلم” التي تعد أطول قصيدة في المدح النبوي، حيث نظمها الشاعر في 190 بيتا وسماها بنهج البردة لأن الشاعر عارض بها قصيدة البردة للإمام البوصيري، وبدأت القصيدة بابيات غزلية عذبة من أجمل ما قيل خلال أول أربعة وعشرين بيتا، ثم يصف الشاعر لنا الدنيا في قصيدته بأنها غرورة وخداعة، ثم يبدأ الشاعر فيها بمدحه للنبي صلى الله عليه وسلم عند البيت الثالت والأربعين وتتميز القصيدة بسهولة معانيها وبفصاحتها وبلاغتها، ولتعرف على كلمات القصيدة نقدم لكم عبر موقع احلم موضوع “قصيدة ريم على القاع” فهيا بنا نتعرف عليها.
قصيدة” ريم على القاع”:
ريم على القــــــاع بين البان والعلم
أحل سفك دمى فى الأشــهر الحرم
….
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ
فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها فى خَيرِ عافِيَةٍ
وَالنَفسُ مِن شَرِّها فى مَرتَعٍ وَخِمِ
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوىً
طَغى الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
إِن جَلَّ ذَنبى عَنِ الغُفرانِ لى أَمَلٌ
فى اللَهِ يَجعَلُنى فى خَيرِ مُعتَصِمِ
أَلقى رَجائى إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى
مُفَرِّجِ الكَرَبِ فى الدارَينِ وَالغَمَمِ
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ
عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ
قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن
يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللَهِ يَغتَنِمِ
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ
ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ
فى يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُحَمِ
يُزرى قَريضى زُهَيراً حينَ أَمدَحُهُ
وَلا يُقاسُ إِلى جودى لَدى هَرِمِ
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ البارى وَرَحمَتُهُ
وَبُغيَةُ اللَهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ
مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً
فَالجِرمُ فى فَلَكٍ وَالضَوءُ فى عَلَمِ
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ
مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ فى مَظهَرٍ سَنِمِ
نُموا إِلَيهِ فَزادوا فى الوَرى شَرَفاً
وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ فى الفَخارِ نُمي
حَواهُ فى سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ
نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
لَمّا رَآهُ بَحيرا قالَ نَعرِفُهُ
بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما
مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
كَم جيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَت بِهِما
بَطحاءُ مَكَّةَ فى الإِصباحِ وَالغَسَمِ
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما
أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
يُسامِرُ الوَحى فيها قَبلَ مَهبِطِهِ
وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ
فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ
غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها
قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ فى القِمَمِ
إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها
يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذى نَسَمِ
وَنودِى اِقرَأ تَعالى اللَهُ قائِلُها
لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلَأَت
أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها
وَكَيفَ نُفرَتُها فى السَهلِ وَالعَلَمِ
تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِم
رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
يا جاهِلينَ عَلى الهادى وَدَعوَتِهِ
هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ فى صِغَرٍ
وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَم
بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَت
وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ
يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
يَكادُ فى لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ
يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً
حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جيدَ البَيانِ بِهِ
فى كُلِّ مُنتَثِرٍ فى حُسنِ مُنتَظِمِ
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ
تُحى القُلوبَ وَتُحى مَيِّتَ الهِمَمِ
سَرَت بَشائِرُ باِلهادى وَمَولِدِهِ
فى الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ فى الظُلَمِ
تَخَطَّفَت مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ
وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَت
مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم
إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ فى صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَوراً مُسَخَّرَةٌ
لِكُلِّ طاغِيَةٍ فى الخَلقِ مُحتَكِمِ
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغى فى رَعِيَّتِهِ
وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ فى شُبَهٍ
وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُم بِأَضعَفِهِم
كَاللَيثِ بِالبَهمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ
وَالرُسلُ فى المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم
كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذى خَطَرٍ
وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم
عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ
لا فى الجِيادِ وَلا فى الأَينُقِ الرُسُمِ
مَشيئَةُ الخالِقِ البارى وَصَنعَتُهُ
وَقُدرَةُ اللَهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها
عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
وَقيلَ كُلُّ نَبِى عِندَ رُتبَتِهِ
وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ
خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما
يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَاِنكَشَفَت
لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ
بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً
لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا
هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم
كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَمِ
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم
كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما
وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
تَوارَيا بِجَناحِ اللَهِ وَاِستَتَرا
وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللَهِ لا يُضَمِ
يا أَحمَدَ الخَيرِ لى جاهٌ بِتَسمِيَتي
وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ
لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذى القَدَمِ
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوىً
وَصادِقُ الحُبِّ يُملى صادِقَ الكَلَمِ
اللَهُ يَشهَدُ أَنّى لا أُعارِضُهُ
من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَن
يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ
تَرمى مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
البَدرُ دونَكَ فى حُسنٍ وَفى شَرَفٍ
وَالبَحرُ دونَكَ فى خَيرٍ وَفى كَرَمِ
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها اِنخَفَضَت
وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
وَاللَيثُ دونَكَ بَأساً عِندَ وَثبَتِهِ
إِذا مَشَيتَ إِلى شاكى السِلاحِ كَمي
تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها
فى الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ
عَلى اِبنِ آمِنَةٍ فى كُلِّ مُصطَدَمِ
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجىً
يُضيءُ مُلتَثِماً أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
بَدرٌ تَطَلَّعَ فى بَدرٍ فَغُرَّتُهُ
كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِى الظُلَمِ
ذُكِرتَ بِاليُتمِ فى القُرآنِ تَكرِمَةً
وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ فى اليُتُمِ
اللَهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ
وَأَنتَ خُيِّرتَ فى الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
إِن قُلتَ فى الأَمرِ لا أَو قُلتَ فيهِ نَعَم
فَخيرَةُ اللَهِ فى لا مِنكَ أَو نَعَمِ
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتاً فَقامَ لَهُ
وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزِمَمِ
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً
فَاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا
لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ
فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
لَمّا أَتى لَكَ عَفواً كُلُّ ذى حَسَبٍ
تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ
ذَرعاً وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَت
بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها
فى كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها
بِالسَيفِ ما اِنتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ
وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ فى القِدَمِ
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهرُ الشَريفُ عَلى
لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ
إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
أَخو النَبِى وَروحُ اللَهِ فى نُزُلٍ
فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
عَلَّمتَهُم كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ
حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِمَمِ
دَعَوتَهُم لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُم
وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ فى زَمَنٍ
ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ
فى الأَعصُرِ الغُرِّ لا فى الأَعصُرِ الدُهُمِ
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاِعتَلَت سُرُرٌ
لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَم وَلَم تَصُمِ
أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ
وَلَم نُعِدُّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها
تَرمى بِأُسدٍ وَيَرمى اللَهُ بِالرُجُمِ
عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ
لِلَّهِ مُستَقتِلٍ فى اللَهِ مُعتَزِمِ
مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللَهِ مُضطَرِمٍ
شَوقاً عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغى نَقلَةً فَرَمى
بِعَزمِهِ فى رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِم
مِن أَسيُفِ اللَهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
كَم فى التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ
مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
لَولا مَواهِبُ فى بَعضِ الأَنامِ لَما
تَفاوَتَ الناسُ فى الأَقدارِ وَالقِيَمِ
شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها
عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها
كَالحَلى لِلسَيفِ أَو كَالوَشى لِلعَلَمِ
غَرّاءُ حامَت عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهىً
وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالِمونَ بِها
تَكَفَّلَت بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
يَجرى الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى
حُكمٍ لَها نافِذٍ فى الخَلقِ مُرتَسِمِ
لَمّا اِعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاِتَّسَعَت
مَشَت مَمالِكُهُ فى نورِها التَمَمِ
وَعَلَّمَت أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً
رَعى القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها
فى الشَرقِ وَالغَربِ مُلكاً باذِخَ العِظَمِ
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا
مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِم
وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهى بِهِم
إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكناً شادَ عَدلَهُمُ
وَحائِطُ البَغى إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
نالوا السَعادَةَ فى الدارَينِ وَاِجتَمَعوا
عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا
كُلُّ اليَواقيتِ فى بَغدادَ وَالتُوَمِ
وَخَلِّ كِسرى وَإيواناً يَدِلُّ بِهِ
هَوىً عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ
فى نَهضَةِ العَدلِ لا فى نَهضَةِ الهَرَمِ
دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَت
دارُ السَلامِ لَها أَلقَت يَدَ السَلَمِ
ما ضارَعَتها بَياناً عِندَ مُلتَأَمٍ
وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
وَلا اِحتَوَت فى طِرازٍ مِن قَياصِرِها
عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُم
تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ
فَلا يُدانَونَ فى عَقلٍ وَلا فَهَمِ
يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا
مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
وَيُمطِرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ
وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
خَلائِفُ اللَهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ
فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
مَن فى البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً
وَكَاِبنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِماً
بِمَدمَعٍ فى مَآقى القَومِ مُزدَحِمِ
الزاخِرُ العَذبُ فى عِلمٍ وَفى أَدَبٍ
وَالناصِرُ النَدبِ فى حَربٍ وَفى سَلَمِ
أَو كَاِبنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ فى يَدِهِ
يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
وَيَجمَعُ الآى تَرتيباً وَيَنظُمُها
عِقداً بِجيدِ اللَيالى غَيرَ مُنفَصِمِ
جُرحانِ فى كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما
جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
وَما بَلاءُ أَبى بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ
بَعدَ الجَلائِلِ فى الأَفعالِ وَالخِدَمِ
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ فى مِحَنٍ
أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ
فى المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
يُجادِلُ القَومَ مُستَلّاً مُهَنَّدَهُ
فى أَعظَمِ الرُسلِ قَدراً كَيفَ لَم يَدُمِ
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ
ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى
نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
مُحى اللَيالى صَلاةً لا يُقَطِّعُها
إِلّا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
مُسَبِّحاً لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً
ضُرّاً مِنَ السُهدِ أَو ضُرّاً مِنَ الوَرَمِ
رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكى سَأَماً
وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
وَصَلِّ رَبّى عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ
جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ
شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً
فى الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
الراكِبينَ إِذا نادى النَبِى بِهِم
ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاِشتَدَّ مِن عَمَمِ
الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ
الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
يا رَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها
وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ
تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأى حِكمَتِهِ
أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا
وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفاً وَلا تُسِمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ
فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
اجمل قصيدة في مدح الرسول الكريم بأبيات شعر غاية الروعة.
شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول و سبب تأليفها و أبيات القصيدة كاملة.
قصيدة البوصيري في مدح الرسول كاملة مكتوبة شرح بسيط ومفصل.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام موضوع “قصيدة أحمد شوقي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ريم على القاع” ، وبدا الشاعر في هذه القصيدة بالغزل حيث وصف الشاعر في البيت الأول محبوبته كأنها ظبيا أبيضا يقف بين الجبل وأشجار البان مما جعله ينبهر بهذا الجمال كأنه قد سفك دمه في الأشهر الحرم ويصف الشاعر الجمال الذي يبرز من عين الغزال جعل الشاعر يتخيل نفسه في قسوة الأسد الذي يملك الغابة ولكنه عند رؤيته لهذا الجمال جعله يستنجد بمن حوله لإنقاذه،ثم يصف الشاعر لنا الدنيا بالغرورة ثم يبدأ الشاعر مدحه في خلق خير البرية إلى أن ينهي قصيدته بدعائه بحسن الخاتمة……….نترككم في رعاية الله وأمنه……….