محتوي الموضوع
الصلاة هي الرابطة القوية التي تربط بين العبد وبين هذا الدين، فمن تركها وفرط فيها فقد ترك أمرًا عظيمًا من أمور الإسلام لا يجوز تركه بحال من الأحوال، فعلى كل مسلم مضيع لصلاته تارك لها أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان فالأمر جليل وخطير، ونسأل الله تعالى أن يتوب علينا وأن يجعلنا من المقيمين على الصلاة حق القيام وأن يحشرنا في زمرة النبي صلى الله عليه وسلم وتحت لوائه.
ونحن في هذا الموضوع كيفية صلاة العبد المسلم صلاتك حياتك، نتعرض إلى بيان الكيفية التي تكون عليها صلاة المسلم، وهناك بعض الخلاف المذهبي في بعض الأمور في الصلاة سنذكر بعضه إن شاء الله تعالى، ولكن ينبغي للمسلم أن ينتبه إلى كيفية صلاته حتى يكون ممن يحسنون تأدية فريضة الله تعالى، فيجب على كل مسلم أن يتعلم الطريقة الصحيحة والكيفية الصحيحة للصلاة حتى تكون مقبولة عند الله تعالى بإذنه تعالى.
كيفية صلاة العبد المسلم صلاتك حياتك:
ينبغي على المسلم القيام في صلاته بإقبال وخشوع لله سبحانه وتعالى وأن يستحضر عظمة الله سبحانه وتعالى وهو يؤدي هذه الفريضة العظيمة.
والقيام في صلاة الفريضة هو ركن لا تصح صلاة العبد بدون هذا الركن، فلو أن العبد قعد مع القدرة على القيام لم تكن صلاته صحيحة، أما في صلاة النافلة فيجوز للعبد أن يجلس مع قدرته على القيام، ولكن يكون له نصف أجر القائم.
فإذا انتصب العبد لصلاته نوى بقلبه الصلاة المحددة التي يريد أن يؤديها، وليس مشروعًا له أن يتلفظ بذلك باللسان، فالنية محلها القلب، وهي شرط من شروط الصلاة أو من أركانها؛ للحديث المشهور: إنما الأعمال بالنيات.
ثم يكبر العبد تكبيرة الإحرام، وهي ركن لا يمكن للصلاة أن تنعقد بدونه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وتحريمها التكبير، صححه الألباني.
ولا يجزئ لفظ سوى لفظ [الله أكبر]، ومن السنة عند تكبيرة الإحرام بإجماع المسلمين: أن يرفع العبد يديه حذو منكبيه أو أن يرفع يديه حذو فروع أذنيه ناشرًا لأصابعه وجاعلًا بطونهما إلى اتجاه القبلة، وللعبد أن يرفع يديه قبل أن يكبِّر أو مع التكبير أو بعد التكبير.
ثم يضع العبد اليمين على الشمال على صدره، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك، وهذا القبض من السنة ولو تركه العبد لم تبطل بذلك صلاته.
انظر أيضًا: صلاة الجماعة
ثم يدعو العبد بدعاء الاستفتاح، وهي كذلك من السنة، وهنا نورد بعضها.
بعض أدعية الاستفتاح:
- اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد. [البخاري ومسلم] وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في الفرض.
- وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا [ مسلما ] وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت [ سبحانك وبحمدك ] أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك [ والمهدي من هديت ] أنا بك وإليك [ لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك ] تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك.
ثم يتعوذ العبد، وهو سنة عند جماهير أهل العلم، والذي قام ابن القيم رحمه الله تعالى بترجيحه أن العبد يتعوذ في الركعة الأولى فقط، ولا يكرر ذلك في الركعات التالية.
ثم يقوم العبد بقراءة الفاتحة، وهي ركن من الصلاة في كل ركعة للعبد لا يمكن للصلاة أن تصح بدونها، وعلى العبد أن يتعلم قراءة الفاتحة قراءة صحيحة دون تحريف لحروفها أو تبديل لها، فأمرها كما ذكرنا عظيم حيث لا تصح الصلاة بدون هذه السورة، ثم بعد قراءة الفاتحة، يقوم العبد بقراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة في صلاة الصبح وصلاة الجمعة، وفي الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ومن المعلوم أن القراءة بعد الفاتحة من السنة، ولا تبطل الصلاة بترك ذلك، ولكن على المسلم أن يتحرى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله تعالى يجبر بها ما قصَّر العبد من الفريضة.
الركوع:
ثم يكبر العبد للركوع، وتلك التكبيرات التي تسمى تكبيرات الانتقال للركوع والسجود والرفع منه وغير ذلك مما يوجبه مذهب الحنابلة، بينما الجمهور على أن هذه التكبيرات من السنة، ولا ينبغي للعبد أن يخل بهذه التكبيرات، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر حين يركع وحين يهوي للسجود ويرفع يديه من التكبير.
وصفة ركوع العبد المسنون هو أن يقبض العبد بيديه على ركبتيه مفرجًا بين أصابع يديه، مُمِدًّا لظهره، حيث تكون رأسه حيال ظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم، وهذا واجب في مذهب الحنابلة ومستحب عند مذاهب الجمهور، وأقل الذكر في الركوع مرة واحدة، وأقل الكمال فيه: ثلاث مرات، ولو زاد ذكرًا آخر كان أمرًا حسنًا، كأن يقول العبد: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. أو أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي.
انظر أيضًا: فضل صلاة الضحى
الرفع من الركوع:
ثم يرفع العبد رأسه من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده، فإذا استوى العبد قائمًا قال: ربنا ولك الحمد، وهذا واجب في مذهب الحنابلة، ومستحب في مذاهب الجمهور، ولو أن العبد زاد على ذلك الذكر من الأذكار الثابتة لكان حسنًا كأن يقول: ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهلَ الثناء والمجد، أحقُ ما قال العبد، وكلنا لكَ عبد، اللهم لا مانعَ لما أعطيت، ولا معطيَ لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، أو أن يقول: ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
السجود:
ثم يخر العبد ساجدًا لله تعالى، وهناك خلاف مشهور بين العلماء هل يخر العبد ساجدًا بيديه أو بركبتيه، وهو خلاف سائغ تصح صلاة من فعل هذا أو ذاك، ثم يسجد العبد على أعضائه السبعة التي أُمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يسجد عليها؛ وهي: القدمان والركبتان والكفان والجبهة مع الأنف، وأن يرفع العبد بطنه عن فخذه، وأن يجافي بين العضدين والجنبين، وأن يضع الكفين حيال المنكبين، وأن يستقبل القبلة بأصابع رجليه، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، وهو واجب عند مذهب الحنابلة ومستحب في مذاهب الجمهور، وله أن يزيد من الأذكار الثابتة ما شاء له ذلك، وله أن يكثر من الدعاء، فأحب الدعاء للعبد في السجود، ثم يقوم برفع رأسه وهو يكبر ويقعد بين السجدتين، يفترش قدمه اليسرى وينصب قدمه اليمنى، وإن شاء العبد نصب قدميه وقعد على عقبيه، وهو الإقعاء وهو من السنة، ويقول في هذه الجلسة: رب اغفر لي، وهذا واجب في مذهب الحنابلة ومستحب في مذاهب الجمهور.
ثم يسجد العبد سجدته الثانية مثل الأولى، والركوع والرفع من الركوع والسجود والرفع من السجود، والاعتدال بعد ركوع العبد، والاعتدال في الجلسة بين السجدتين والطمأنينة في الصلاة وفي أداء تلك الركعات، هو من الواجبات التي لا تصح صلاة العبد بدونها.
ثم يصلي العبد الركعة الثانية كالأولى، غير أنه من السنة أن يجعلها أخف من الأولى.
التشهُّد:
ثم يجلس العبد في آخر الركعة الثانية للتشهد، وإن كانت الصلاة ثنائية، فواجب عند الجمهور أن يجلس العبد للتشهد، ويقول في التشهد: التحياتُ لله، والصلوات والطيبات، السلامُ عليكَ أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، ثم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاةَ الإبراهيميةَ المشهورة، ثم يتعوذ العبد من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال، وهو واجب عند علماء الظاهرية وبعض المعاصرين وهو لبعض السلف، ومستحب عند جمهور العلماء، ثم للعبد أن يدعو بما شاء، فإذا انتهى من الدعاء سلَّم تسليمتين عن يمينه وشماله، ومن الصحيح أن التسليمة الأولى للعبد واجبة، لا يخرج من صلاته إلا بها، أما التسليمة الثانية فهي من السنة.
أما إن كانت الصلاة ثلاثية أو كانت رباعية، فإن العبد يقعد للتشهد الأول على الوجوب عند مذهب الحنايلة، وعلى الاستحباب عند مذاهب الجمهور، فيقوم العبد ويأتي بالركعتين الثالثة والرابعة، ويجلس العبد للتشهد الأخير الذي سبق وذكرناه.
فإذا انتهى العبد من صلاته جاء بما هو مشروع من الأذكار المستحبة كأن يقرأ آية الكرسي وأن يسبح ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين ويكبر ثلاثًا وثلاثين، ويجعل تمام المئة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير. وغير ذلك من الذكر.
انظر أيضًا: عدد ركعات صلاة الفجر
كان هذا ختام موضوعنا حول كيفية صلاة العبد المسلم صلاتك حياتك، قدمنا خلال هذه المقالة كيفية الصلاة التي ينبغي أن يكون عليها العبد المسلم، وكيف أن المسلم ينبغي أن يحرص على صلاته، فهي عماد دينه، فلا يمكن أن يقوم دين العبد إلا على هذه الفريضة، فهي الأساس والركن الركين الذي يرتكز عليه إيمان المؤمن، فلا ينبغي لمسلم أن يضيعها أو يتهاون في شأنها مهما حصل ومهما كان ومهما تحجج من ظروف، بل الصلاة الصلاة عباد الله خير من كل ما يشغلك من اللهو واللعب.