إن الله عز وجل قد اتصف بالعفو والمغفرة ، والصفح عن الزلات وذنوب عباده ، كما أنه أمرنا بتطبيق هذا الخلق الرفع بيننا ، فهناك العديد من المواقف التي تحدث ، يخطئ فيها الشخص بحق أخيه سواء كان بقصد أو من دون قصد ، ثم يهم بالاعتذار لأخيه من أجل أن يسامحه ، وعندها رغب الله تعالى أن يقبل الإنسان اعتذار أخيه ، وأن يسامحه عما بدر منه ، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير} صدق الله العظيم ، واليوم سوف نتعرف أكثر على الفرق بين العفو والمغفرة ، فتابعوا معنا.
العفو وصية ربانية للمسلمين:
- وقد أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالعفو ، فقال : {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ، وأيضاً كان العفو وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، لنا كمسلمين ، فقد قال النبي وهو يوصي أحد صحابته : (يا عقبة بن عامر صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، وأعف عمن ظلمك).
- فنستخلص من الآيات الكريمة والحديث الشريف أن العفو من صفات المؤمن التقي ، والصحابة رضوان الله عليه هم أعظم أمثلة يحتذى بها في العفو ، فقد كان الصحابي فيهم إذا أغضبه إنسان أو أساء له ، لا يكتفي بالعفو عنه والمغفرة وحسب ، بل كان هناك بعض الصحابة يطلقه حر لوجه الله تعالى لو كان عبداً.
- وللعفو عن العباد فوائد كثيرة وعظيمة ، وأهمها أن تسود الألفة والحب بين الناس ، فلا يحمل أحدهم سوءاً بقلبه تجاه أحد ، العفو يقلب الأعداء أصدقاء ، فقد قال المولى سبحانه وتعالى في العفو بين الناس : {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
- فنستنتج من الآية الكريمة أن العفو والصفح يعودان بالخير على صاحبها دوماً ، فقد وعد المولى سبحانه وتعالى من يغفر زلات الأشخاص في حقه أن يغفر الله تعالى ذنبه ، قال الله تعالى في القرآن الكريم : {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم.
للمزيد يمكنك قراءة : فضل الاستغفار واثره في حياة المسلم
تعريف العفو والمغفرة:
- العفو اللغة : مصدر من الفعل عفا ، ويأتي بمعنى الصفح عن الذنب وعن الأخطاء ، ومن الممكن أن يطلق العفو لصاحب المعروف والفضل ، فيقال لمن معروفه كبير عظيم ، عفوه وفضله ، أما بالنسبة للعفو عند المقدرة فيأتي بمعنى ترك العقاب عندما يتمكن منه ، ويقال عفو عام : أي إذا أسقطت العقوبة عن كل المذنبين.
- العفو اصطلاحاً : ويتم تعريفه على أنه محو السيئات ، والتجاوز عن جميع المعاصي ، ومن الممكن أن يأتي بمعنى ترك المؤاخذة بالذنب من قبل الله عز وجل لعباده.
- المغفرة لغةً : مصدر من الفعل غفر ، ومن الممكن أن يأتي المصدر على وزن غفران أيضاً ، وتعني : المسامحة ، والستر عن الخطيئة والإثم ، فلو قيل : غفر الله له ، كان هذا دعاء بالغفران والمسامحة عما ارتكب العبد من أخطاء.
- المغفرة اصطلاحاً : وتأتي بمعنى ستر الذنوب ، والتغاضي عنها ، وقد يلحقها نيل الثواب من الله سبحانه وتعالى أيضاً.
للمزيد يمكنك قراءة : حديث عن الحلم والعفو والتسامح
الفرق بين العفو والمغفرة:
لقد ذهب الفقهاء لرأيين في توضيح الفرق بينهما ، فرأي بعض العلماء بأن العفو أشمل من المغفرة ، وقال آخرون عكس ذلك : أن المغفرة أشمل من العفو ، وفيما يلي توضيح ذلك :
- قال الشيخ أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى : أن العفو أشمل من المغفرة ، العفو يمحو السيئات ، ويتجاوز عن المعاصي ، وهو قريب من الغفور ، إلا أنه أبلغ منه ، فالغفران ينبئ عن الستر ، أما العفو فينبئ عن المحو ، والمحو يعد أبلغ من الستر.
- وأيضاً قال الشيخ محمد منير الدمشقي رحمه الله تعالى : أن العفو محو للذنوب جميعاً ، كي ينسى الإنسان أنه أذنب الذنب أو أتاه ، وبأن المغفرة هي ستر للذنوب ، وعدم المؤاخذة بها ، على الرغم من تذكرها ، فكان مضمون هذا أن العفو أشمل من المغفرة.
- وقد قال الرازي : أن العفو يسقط عنه العقاب ، والمغفرة أن يستر عليه جرمه ، وذلك صوناً له من الفضيحة ، كأن الإنسان يقول : أطلب منك العفو ، ولو قم بالعفو عني فاستره علي.
- وأيضاً قال الكفوي رحمه الله تعالى : أن الغفران يقتضي إسقاط العقاب ، ونيل الثواب ، فلا يستحقه إلا العبد المؤمن ، ولا يستعمل إلا في الباري تعالى ، والعفو بحاجة لإسقاط اللوم والذم ، ولا يقتضي نيل الثواب.
للمزيد يمكنك قراءة : احسن الظن بالله