لقد وضح الله سبحانه وتعالى لعباده أن طريق العبودية مليء بالصعوبات والعقوبات ، وذلك امتحان وابتلاء من الله سبحانه وتعالى ، وقد بين ووضح الله تعالى لعباده ذلك حتى يكونوا على دراية وبينة ، فيثبتوا على الصراط المستقيم ، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ، إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كافورا) ، ومن ذلك الابتلاء يكشف الله تعالى مدى إصرار الشخص وثباته في سيره على طريق العبادة ، كما يسر الله عز وجل لعباده أدلة تعرفهم وتقودهم إليه ، أدلة تملئ هذا الكون ، فيزداد العبد يقين واطمئنان ، ويتعرف على أوامر الشرع فيحرص على أن يلتزم بها ، ويكون مطلق على ما سوف يواجهه من العقبات التي تثنيه عن العبادة ، فيقوم بالتعامل معها بحرص ، ويعمل جاهداً على التخلص منها ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على الغاية من خلق الإنسان ، وعلاقة العبادة بالإيمان ، وسنتعرف عما إن كان الإيمان يزيد بالعبادة وينقص بالمعصية ، فتابعوا معنا.
الغاية من خلق الإنسان:
- إن دعوات الأنبياء جميعاً عليهم السلام مشتركة في رسالة واحدة ألا وهي : توحيد الله سبحانه وتعالى ، وعبادته وحده لا شريك له ، قال الله عز وجل في القرآن الكريم : {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} ، وذلك هو أصل الدين ، وكل ما هو غيره يأتي تحته ويتفرع منه ويتبعه ، ومن تلك الرسالة يظهر الغرض من خلق الله تعالى للبشر ، فالله تعالى لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلقهم من أجل عمارة الكون وليعيشوا فيه وحسب ، بل خلقهم كي يقومون بواجب العبادة.
- فلقد قال الله سبحانه وتعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ، فغاية خلق البشر هي العبادة ، ثم إن الله عز وجل كلفهم بعمارة الأرض كي يحققوا مفهوم العبادة بأعمالهم وعلى أنفسهم ومع غيرهم ، وميزهم بالعقل حتى تكون عبادته عن رضى واختيار منه ، فإن قاموا بحق العبودية لله تعالى ، فإن الله عز وجل قد تكفل برزقهم ، وعليه فلو تحققت العبودية لله عز وجل فقد تحققت الوحدانية لما بينهما من الترابط والتلازم.
للمزيد يمكنك قراءة : تقوية الايمان بالله وترسيخه
علاقة العبادة بالإيمان:
- يتم تعريف الإيمان على أنه قول اللسان ، وتصديق القلب ، وعمل الجوارح ، وقول اللسان يشمل على النطق بالشهادتين ، وقراءة القرآن ، وذكر الله عز وجل ، وغيرها الكثير من العبادات التي يتم تحقيقها باللسان.
- وعمل القلب يشمل كل العبادات القلبية من : الخوف ، والمحبة ، والخشية ، والرجاء ، والتوكل ، وغيرها.
- أما عبادات الجوارح فتشمل كل ما يقوم به العبد بأعضائه وبجوارحه من : الصيام ، والصلاة ، والحج ، والزكاة ، وغيرها.
وبناءً عليه لو تم البحث عن مفهوم العبادة نجد أنها هي نفسها الإيمان وحقيقته ، وهذا لأن العبادة هي محبة الله عز وجل والخضوع له ، وهي الأعمال القلبية للإيمان بحد ذاتها ، وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت ، صلح الجسد كله ، وإذا فسدت ، فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب) ، فكل العبادات الخالصة لله عز وجل تعتبر إيمان ، ومن لم يعبد الله سبحانه وتعالى لا يكون مؤمن ، ومما يدل على قوة الترابط والالتزام بين الإيمان والعبادة ، أن الله سبحانه وتعالى أطلق على عبادة الصلاة لفظ الإيمان ، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : {وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم} ، والمقصود بالإيمان في الآية الكريمة هي الصلاة لبيت المقدس.
للمزيد يمكنك قراءة : كيف اترك المعاصي والذنوب
هل الإيمان يزيد بالعبادة وينقص بالمعصية:
- لقد ذهب أهل العلم للقول بأن الإيمان يزيد وينقص ، فتقوى الله عز وجل تزيد بإيمان المسلم ، وقد قال أحمد بن حنبل ، والشافعي ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري رحمهم الله جميعاً ، وكثير من الصحابة ومن التابعين ومن الفقهاء ، والغالبية من الأشاعرة ، أن الإيمان يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية وقلة الطاعة.
للمزيد يمكنك قراءة : شرح أركان الإيمان بالتفصيل