محتوي الموضوع
مدائن صالح هو ذلك الموقع الأثري الموجود في السعودية في الناحية الشمالية الغربية منها، في المنطقة التي تسمى العلا التابعة لمحافظة المدينة المنورة، وقد كانت مدائن صالح تُعرف قديمًا باسم مدينة الحجر، حيث ترجع هذه التسمية إلى ديار ثمود التي تقع في المدينة المنورة وتبوك، ولقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم، فهؤلاء القوم هم الذين عقروا ناقة نبي الله صالح، فأخذهم الله بالصيحة.
ونحن في هذا الموضوع مدائن صالح وقصته مع قومه عليه السلام، نتعرض إلى بعض المعلومات عن تلك المدائن وعن قصة صالح عليه السلام مع قومه وعن تلك الناقة التي أرسلها الله تعالى معجزة لنبيه صالح، وعقرها قومه فجاءهم الله تعالى بالعذاب الأليم.
نبذة عن قصة نبي الله صالح مع قومه:
- أرسل الله تعالى نبيه صالح عليه السلام لقوم ثمود لكي يدعوهم إلى التوحيد وإلى عبادة الله الواحد الأحد وترك ما هم عليه من الشرك بالله، وكان قومه يُسمون ثمود وهم من القبائل العربية والتي ينحدر منها صالح عليه السلام، وكانت منطقة الحجر هي المنطقة التي تقع موطنًا لتلك القبيلة، وهي تلك المنطقة التي تقع بين الحدود الشمالية من السعودية وشرق الأردن، وقد أعطى الله تعالى هؤلاء القوم قوم ثمود العديد من النعم والعديد من مظاهر الحضارة والمدنية، غير أنهم بعد كل ما آتاهم الله تعالى من فضله الكريم عصوا وكفروا بأنعم الله تعالى، وكذبوا بوحدانيته سبحانه وتعالى.
- لما أرسل الله تعالى إليهم نبيه صالحًا طلبوا من نبي الله تعالى أن يأتيهم بمعجزة تبين لهم صدقه وأنه مبعوث من رب العالمين وأنه رسول بحق أرسله رب العالمين إليهم، فلبَّى لهم صالح هذه الرغبة بإرادة الله سبحانه وبإذنه، فأخرج الله لهم الناقة علامة على صدق نبي الله صالح عليه السلام، وأمرهم صالح عليه السلام ألا يمسوا الناقة بأي سوء، وأن يدعوها تأكل في أرض الله، ولكنهم لم ينصاعوا لذلك، وفي الفقرة التالية بيان ما حصل وتفصيل في أمر تلك الناقة.
انظر أيضًا: قصة نبي الله صالح
معجزة الناقة:
- وردت قصة صالح عليه السلام مع قومه في العديد من سور القرآن الكريم، فقد وردت في سور: الأعراف وهود والحِجر والشعراء وفُصِّلت وغير ذلك من السور؛ للدلالة على أهمية هذه القصة وأهمية استخلاص العبر والعظات وفهم ما حصل بالضبط والتأمل فيما حدث من هؤلاء القوم وعصيانهم لرب العالمين سبحانه وتعالى، وقصة الناقة قد أخذت حيزًا كبيرًا من قصة صالح عليه السلام، فهي تلك الآية التي أرسلها الله سبحانه وتعالى لهداية قوم ثمود، وهم الذين طلبوا من صالح أن تُرسَل لهم آية تدل على صدقه وعلى نبوته من رب العالمين، حيث إنهم طلبوا من صالح أن يُخرج لهم من صخر الجبل ناقة حمراء اللون عُشَراء، فما كان إلا أن نزلت تلك الآية من الله سبحانه وتعالى بإذنه.
- فطلب صالح من قومه أن يذهبوا إلى جهة محددة من الأرض وإذا بالصخرة أمامهم تتمخض كالمرأة الحامل، وتنفرج عن ناقة تخرج من وسط تلك الصخرة، كما طلب قومه من المعجزة، فخرجت تلك الناقة الحمراء العُشَراء ووضعت حملها وهم ينظرون إليها، وظلت تلك الناقة بينهم ترد على مياههم فتشرب من تلك المياه وتغدو وتروح وتأتيهم باللبن بالقدر الذي شربت من الماء، وطلب نبي الله صالح من قومه ألا يمسوا تلك الناقة بسوء فيأتيهم الله تعالى بالعذاب، قال الله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
- فما كان من قوم صالح عليه السلام إلا أن خططوا لعقر هذه الناقة، وفعلوا ما خططوا، فجاءهم الله تعالى بالعذاب الشديد جزاءً بما صنعوا من العصيان والشقاق والكفر والنفاق.
مدائن صالح عليه السلام:
- تحتل تلك المدائن موطنًا استراتيجيًّا مهمًّا على الطريق المجتمع مع مصر وبلاد الشام والرافدين وشبه الجزيرة العربية، حيث إن هذا الموقع له أهمية كبرى في التجارة، حيث إنه طريق واصل بين كل تلك الدول، وتشتمل مدائن صالح على أكبر المستوطنات بعد البتراء في المنطقة الجنوبية والتي ترجع لمملكة الأنباط، حيث يُفصل بينهما بمسافة تُقد بخمس مئة كيلو متر، ويرجع تاريخ هذه المدائن إلى تلك الفترة التي انتعشت فيها الدولة النبطية في القرنين: الأول قبل الميلاد والأول ميلاديًّا قبل أن تسقط في يد الإمبراطورية الرومانية في سنة 106 ميلاديًّا، وتضم تلك المدائن 153 واجهة صخرية منحوتة، يُضاف إليها الكثير من الآثار الإسلامية.
انظر أيضًا: قوم ثمود
المعالم والآثار التي توجد في مدائن صالح:
- يوجد مدافن جبل المحجر، وهي تشتمل على ثلاث كتل صخرية، تحتوي بداخلها 14 مدفنًا نبطيًّا منحوتين فيها، وتُدعى مدافن جبل المحجر بالمنطقة أ.
- توجد أيضًا مدافن قصر البنت: وهي عبارة عن جبلين يشتمل الجبل الأول على واحد وثلاثين مدفنًا، والذي يمتد من ناحية الشمال إلى ناحية الجنوب، أما الجبل الثاني فهو صغير ويشتمل على مدفنين، وموقعه في الناحية الشمالية الغربية بالنسبة إلى الجبل الأول، وتُدعى مدافن قصر البنت بالمنطقة ب.
- يوجد أيضًا مدافن الجبل الأحمر: وهي تتكون من كتلتين صخريتين تشتمل الأولى على ثمانية عشر مدفنًا، وتشتمل الثانية على مدفن واحد فقط، وتُدْعَى بالمنطقة ج.
- مدافن الخريمات: وهي تتكون من تسع جبال تشتمل على ثلاثة وخمسين مدفنًا، حيث يشتمل الجبل الأول على خمس مدافن تحمل أرقامًا من خمسين إلى أربع وخمسين، ويحتوي الجبل الثاني مدفن برقم 49 فقط، وأيضًا فالجبل الثالث يشتمل على مدفن واحد هو رقم 55 فقط، بينما يشتمل الجبل الرابع على سبعة مدافن مرقمة من 56 إلى 62، ويشتمل الجبل الخامس كذلك على 16 مدفنًا، أما السادس يشتمل على مدافن واحد فقط، والسابع يشتمل على 16 مدفنًا، والثامن يشتمل على 5 مدافن، والجبل التاسع يشتمل على مدفن واحد فقط.
- مدافن المنطقة د: هي عبارة عن جبلين يشتمل كل من الجبلين على مدفن واحد فقط، وتقع تلك المدافن في منطقة تُسمى قصر الصانع.
- منطقة قصر الصانع: وهي تتكون من كتلتين صخريتين، حيث تشتمل الصخرة الغربية على مدافن واحد فقط، وتتميز شرفته العليا بالتدرج حيث ينتهي أسفل هذه الشرفة بكورنيش، وهي تشتمل على تيجان نبطية.
- قصر الفريد: وجاءت هذه التسمية من كونه يقع منفردًا وحيدًا في كتلة صخرية على وجه الاستقلال، ويتميز بالبناء المعماري النبطي الذي تكون فيه واجهة صخرية وأعمدة جانبية.
عقوبة قوم صالح في القرآن الكريم:
- بيَّن القرآن الكريم ما كان من جحود قوم صالح عليه السلام وما كان من تكذيب له ومن عقر للناقة التي أرسلها الله تعالى لهدايتهم بعدما طلبوا الآيات ليؤمنوا بصالح، ومع ذلك لم يؤمنوا وعقروا الناقة، فأخذهم الله تعالى بالعذاب الشديد، وها هو القرآن الكريم يبين صورًا من هذا العذاب في مُحكَم التنزيل.
- قال تعالى: {فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} (الأعراف:78). {وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} (هود:67-68). وقال سبحانه: {فأخذتهم الصيحة مصبحين} (الحجر:83). وقال عز وجل: {فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ} (هود:66). وقال أيضًا: {فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:158). وقال أيضًا: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل:51-52). وقال أيضًا: {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون} (فصلت:17). وقال سبحانه: {فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين} (الذاريات:44-45)، وقوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} (الحاقة:5). وقال أيضًا: {فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} (الشمس:14).
انظر أيضًا: نبيل العوضي قصص الأنبياء
كان هذا ختام موضوعنا حول مدائن صالح وقصته مع قومه عليه السلام، قدمنا خلال هذه المقالة بعض ما ورد من حديث حول مدائن صالح، وذكرنا قصة نبي الله صالح مع قومه وكيف أنهم عصوه وكذبوه ورغم أنهم طلبوا معجزة ليصدقوا بنبوته ولما جاءتهم تلك المعجزة كفروا وكذبوا وعقروا الناقة، فحقت عليهم كلمة العذاب، وأنزل الله تعالى عليهم العذاب الشديد، كما بيَّنا في آخر فقرة من هذه المقالة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الآمنين وأن يجعلنا من المؤمنين به حق الإيمان.