محتوي الموضوع
مصطلح الطهارة في اللغة مأخوذ من الفعل : طهر ، يطهر ، طهارة ، وطهرا ، والطهر يعد نقيض الحيض ، فيقال على سبيل المثال : طهر الشيء بمعنى نظفه ونقاه من العيوب والنجاسة ، ويقال أيضاً طُهر بمعنى خال من أي دنس ونجاسة ، وتطهر العبد المسلم قبل صلاته بمعنى أنه اغتسل وتوضأ ، أما الطهارة في الاصطلاح فتعني غسل أعضاء معينة بصفة وعلى هيئة معينة ، أو أنها عملية إزالة للحدث والخبث ، أو عملية إزالة للنجس ورفع للحدث ، أو ما على صورتهما أو في معناهما ، وفي هذا المقال سوف نجيب على تساؤل يدور في أذهان العديد من المسلمين ألا وهو هل يجوز الصيام على جنابة حتى الظهر بدون طهارة ؛ فتابعوا معنا.
هل يجوز الصوم على جنابة حتى الظهر:
إن مسألة هل يجوز الصوم على جنابة حتى آذان الظهر ، أو مسألة تأخير غُسل الجنابة بشهر رمضان المبارك أو غيره من الأيام لبعد الفجر تعد من المسائل التي اختلف أهل العلم فيها على أقوال عدة ، فمنهم من قال بصحة الصوم ، ومنهم أيضاً من قال بعدم صحة الصيام ، ومنهم من فرق بين صيام التطوع وصيام الفرض ، ومنهم من فرق بين المعذور وبين غير المعذور ، وفيما يلي توضيح تلك الأقوال مع الأدلة التي استندوا في أقوالهم عليها :
للمزيد يمكنك قراءة : مفسدات الصيام المعاصرة عند البنات لابن عثيمين
رأي الأئمة الأربعة:
- لقد ذهب الأئمة الأربعة رحمة الله تعالى عليهم إلى أن صوم المسلم الجنب يصح مطلقاً ، واستندوا في هذا لقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ، ووجه استدلالهم أن الآية الكريم تدل على أن الجماع مباح بكل أجزاء الليل ، حتى وقت طلوع الفجر ، وذلك الأمر يستلزم أن يطلع الفجر على الشخص وهو جنب ، مما يدل على صحة صوم الجنب.
- ثانياً : ما روته أمهات المؤمنين أم سلمة وعائشة رضي الله تعالى عنهما : [أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُدْرِكُهُ الفجرُ، وهو جُنُبٌ مِن أهلِهِ، ثمَّ يَغتسلُ ويَصومُ] ، ووجه الاستدلال أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يجامع بليل شهر رمضان ويؤخر الغسل لبعد طلوع الفجر ، الأمر الذي يدل على جواز هذا الأمر ، وأنه كان يدخل عليه الفجر وهو جنب من جماع لا من الاحتلام.
آراء أخرى لبعض أهل العلم:
- لقد ذهب أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ، وسالم بن عبد الله والحسن البصري إلى أن صيام المرء الجنب لا يصح مطلقاً ، ودليلهم في هذا ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [إذا نوديَ للصَّلاةِ، صَلاةِ الصُّبحِ وأحدكُمُ جُنبٌ، فلا يَصُمْ يومئذٍ] ، وقد نقل أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه رجع عن هذا القول وأخذ بقول جمهور أهل العلم الذي يقضي بجواز صوم المرء الجنب في تلك الحالة ، وذلك بعد أن وصله حديث عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما ، وقد ورد ذلك بحديث لمسلم في صحيحه من رواية أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، وعزى قوله لما سمعه من الفضل بن عباس وأنه لم يسمع هذا من النبي محمد صلى الله عليه وسلم مباشرةً ، وذلك وجه الترجيح بين الحديثين ، أما وجه الجمع بينهما فلعل حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه محمول على أن من كان يجامع زوجته بليل شهر رمضان بطل صيامه ، وأما حمله على النسخ فلعل هذا كان ببداية الأمر ، فكان صيام من يصبح جنباً باطل ، ثم نسخ الحكم بحديث أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما ليصبح صومه صحيح.
- لقد ذهب عروة بن الزبير لأن صيام المرء الجنب صحيح لو كان تأخيره للغسل لعذر ، ودليله على هذا ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه فحمله على من لم يكن له عذر وأن حديث أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة لمن كان له عذر.
- وقد ذهب إبراهيم النخعي لأن الجنب لو أخر غسله وهو صائم لبعد الفجر ، صومه صحيح بصوم النافلة دون صيام الفرض ، ودليله في هذا ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه فحملوه على من صيام الفرض ، وأن حديث أمهات المؤمنين يرد على صيام النفل دون صيام الفرض.
للمزيد يمكنك قراءة : فوائد الصيام الدينية
دار الإفتاء الأردنية:
- وقد ذهبت دائرة الإفتاء الأردنية للقول بجواز تأخير غسل الجنابة ، وصحة الصيام ودليلهم في هذا أنه ليس من شروط صحة الصوم الطهارة من الجنابة.
للمزيد يمكنك قراءة : هل الصيام يؤثر على الحامل في الشهر التاسع