من المعلوم بأن الطهارة ليست شرطاً بكل العبادات ، إلا أنها تباح لمن كان على جنابة أعمال كثيرة منها : الدعاء ، والذكر ، والتسبيح والتهليل ، وغيرها من الذكر ، وذلك لما ثبت بصحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضوان الله تعالى عليها أنها قالت : [كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه] ، واليوم سوف نجيب على تساؤل يدور في أذهان العديد من المسلمين ألا وهو هل يجوز الصيام على جنابه عمدًا ؛ فتابعوا معنا.
ما هي الجنابة:
إن الجنابة مصدر يطلق على المؤنث وعلى المذكر ، إضافةً للمفرد ، وللمثنى ، وللجمع ، ويتم تعريف الجنابة في اللغة وفي الشرع على النحو التالي :
- الجنابة في اللغة : البعد ، فهي نقيضة القرب ، أو القرابة ، كما تعرف على أنها مجانبة الشيء واجتنابه ، فيقال : فلان جنب ، بسبب النهي عن القرب من أماكن الصلاة إلا لو تطهر ، بمعنى أنه أجنب وتنحى عنها ، كما قيل : لاجتنابه الناس إلا بعد أن يتطهر.
- الجنابة في الشرع : يعرفها الإمام النووي على أنها صفة تطلق على الإنسان الذي أنزل المني ، وأيضاً على الشخص الذي جامع ، وعليه فقد سمي جنباً ، كونه يتجنب المسجد ، والصلاة ، وقراءة القرآن ، ويبتعد عنها ، في حين يتم تعريف الجنابة في نهاية المحتاج على أنها حدث معنوي يصيب البدن ، وعليه فلا تصح الصلاة.
للمزيد يمكنك قراءة : كيفية الغسل من الجنابة
حكم صيام الجنب:
لقد اتفقت كل المذاهب في المطلق على صحة صيام الجنب ، وقد اعتمدوا في هذا على عدد من الأدلة من القرآن الكريم ، ومن السنة النبوية الشريفة ، وهي :
- قول الله عز وجل : { …فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ…} ، حيث أتت الإشارة بالآية الكريمة لصحة صيام الشخص وهو جنب ، وقد دلت على جواز الجماع في الليل وإباحته ، وذلك لحين طلوع الفجر ، حيث إن جواز الجماع حتى الفجر يقتضي طلوع الفجر على المجامع وهو على جنابة.
- ما أخرجه الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما : [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ] ، فقد أوضح الحديث النبوي الشريف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يجامع زوجاته رضي الله تعالى عليهم في شهر رمضان المبارك ليلاً ، ويتأخر بغسله إلى ما بعد طلوع الفجر ، وقد كان هذا بعد جماع ، ولم يكن بعد احتلام ، ومن ضمن الأدلة التي تؤيد هذا أيضاً ما أخرجه الإمام مسلم رضي الله تعالى عنه عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها : [كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي]
- وبالاستناد على ما سبق ذكره من أدلة ، فإن الطهارة من الجنابة ليست شرطاً من شروط صحة الصوم ، وصحة الصوم تشمل أيضاً من أصبح على جنابة بسبب الاحتلام ، وليس هناك مانع من تأخير الاغتسال حتى يطلع الفجر ، ويقاس على ما سبق جواز صيام المرأة لو انتهى الحيض قبل طلوع الفجر ، واغتسلت بعد طلوع الفجر ، حيث إن الحيض شبيه بالجنابة ، فليس هناك مانع من النية والصوم.
للمزيد يمكنك قراءة : شروط المسح على الجوارب والخفين
ما يحرم على الشخص الجنب:
يصم الصوم لمن أصبح على جنابة قبل أن يطلع الفجر ، إلا أنه يحرم عليه الإتيات بالكثير من العبادات ، ومن أبرزها :
- الصلاة ، وسجود التلاوة : فقد قال الله عز وجل في القرآن الكريم : {وإن كنتم جنباً فاطهروا}
- الطواف حول الكعبة المشرفة : حتى ولو كان طواف نافلة ، فالطواف بالبيت بمثابة الصلاة كما أتى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
- مس القرآن الكريم : فقد قال الله عز وج في القرآن الكريم : {لا يمسه إلا المطهرون}.
للمزيد يمكنك قراءة : كيفية الاغتسال